بسم الله الرحمن الرحيم
حصريا فقط في
الاتحاد الدولي للمثقفين العرب
قراءات نقدية ابداعية لقصيدة الاديبة
والشاعرة الدكتورة / منة حسن
《 بين قربك وبعدك 》
أ.د نبيل العريقي
في الاتحاد الدولي للمثقفين العرب --- الاديب الشاعر --- هو طائر الجمال في هذا الوجود نجده في هذه الطبيعية بما تصوره من مظاهر ودلالات واسرار ونجده في النفوس بما ياسرها من صفاء وعمق وجد وحالة نفسية بتناقضاتها واهوائها •
كما نجده في المواقف، في الحياة والموت في صدر البطولة والفداء والتضحية ، في حنان الامومة وسخاء البذل العاطفي ، في نبل التعاون وكرامة الصدق وعظمة الصمود وروعة الصبر وجمال العدل ......الخ
ان الجمال يأسر روحه حيثما وجده فيتغني به ، ويحشد له في شعره الصور المنغومة والاجواء الموحية •
وتاسيسا على ذلك من حق هذا الجمال عليه ان يخلص له ، فاذا فعل تفتحت امام بصيرته قوى مذهلة تزيد شاعريته قوة واقتدار •
وسرعان ما سيتكشف للأديب الشاعر القانون الاعظم في حياته وحياة الانسانية وهو :
ان المعاناة على صور الاخلاق والجمال في الخليقة ، له فرق ظاهري وحسب ،
أما الجمال فهو شيء محسوس يدركه البصر
واما الاخلاق فهي الجمال المعنوى الذي لا يرى وانما تتحسسه النفس المرهفة ويدركه العقل •
ولذلك كان ادراك الجمال المحسوس ايسر على الاغلبية من ادراك الجمال الاخلاقي •
● وشاعرتنا لهذا اليوم هي الدكتورة د / منة حسن - وهبها الله قدرة الرؤية ، فهي تلمح الخافي والمبهم والبعيد من معاناتها في قضاء وقدر المطلق الالهي
وعلى هذا الأساس وقع عليها رسالة البيان والتعبير والكشف عن ما تلين به النفوس الغليظة وتكشف الحجب عن العيون التى تنظر ولا ترى ، وتبذر في القلوب والعقول بذور الخير والمحبة والعمل والقوة والصبر الجميل
● ولابد لي ، عند هذا المفترق ، ان أشير بكل فخر الى رسالتها النصية التي لا تشبه رسالة الواعظ اطلاقا ، لان هذا يدعو الى الاخلاق دعوة صريحة بالترغيب والترهيب والبرهان والمثل •
● واما فشاعرتنا لا تعظ - بل تغني ولا تدعو الى شيء وانما تفعل وتحيا وتتدفق •
ووسيلتها هي الصور الاخاذة والرموز الموحية واللغة الشفافة التي تكشف بالظلال والالوان اكثر مما تكشف بالكلمات
ومواعظها الموسيفية الملونة لا تؤدى مغزاها صريحا -- وانما تمنحها للقارئ المرهف -- الذي يلتقطها من ايحاء قصيدتها وجوها ومعاناتها الروحية الموصولة
لتصحب فيها شاعرتنا ذاتها وتعيش متفتحة النفس بحيث ينبض قلبها مع معاناتها في غربة الحياة والموت بكل ما فيهما من عمق ومعنى •
ومثل هذه المعاناة الخصبة لا تستطيع شاعرتنا ان تعيش في الضجيج ، وانما لابد لها من الصمت والعزلة والفراغ ، لكي تنبثق ورودها وينضح عطرها
ولذلك تحتاح الى ان تتيح لنفسها شيئا من انفراد تستسلم فيه الى التامل وحياة الفكر واحتشاد الشعور •!!!!!!!!!!!!
ومن هذا المنطلق يسترعي الانتباه إلى ان الشاعرة قداستمدت ممارسته الشعرية من مصدرين فنيين ومعرفيين متكاملين؛من الموروث العربي للشعر العمودي والشعر الحر بمقوماته الفنية والغني برصيده اللغوي والدلالي والفني
من حيث الحداثة الشعرية وما تطرحه من إمكانيات لتكسير النمط وتجاوز النموذج المعاصر واستحداث تجربة شعرية جديدة تحترم التراث ولا تقدسه، وتنهل منه ولا تقلده وقد تجلى هذا التنوع المرجعي بوضوح في النص التالي موضوع دراستنا
بين قربك وبعدك
بين قربك وبعدك اعيش حالتان
حالة حياة..وحالة موت
في قربك لذة وسعادة
اشعر بحنان الام لطفلها بعد الولادة
امان حنان تتعدد به السعادة
...... .....
وفي بعدك تتوه افكاري ...
تنزل دمعتي كنار تحرقني
لا أعرف من اكون
غريبة دونك اطواري
لا اقع على قراري
في بعدك تموت الحياة بعيني
يفرغ الكون وكأن كل من حولي غادر داري
ادمنت قربك ... واتعبني بعدك
بركان يحرق داخلي
اعصار يهز كياني
يبعثر افكاري
د.منة حسين
وبعد ما سال مداد الشعر مع الدمع مدرارا، وانسابت الصور والدلالات مع الزفرات والابتهالات غزارة. تشعل الشاعرة قنديل الحياة في أعماقها، لتضيء لنفسها الزوايا المعتمة
لتنعتق من أسر الأحزان وتتحرر من قيد الأسى وتنطلق إلى تمثال الجمال تناجي الأرواح والأطياف والظلال المقيمة في الذاكرة.تغني أغنية الأشواق،وتردد سمفونية الخلود في غربة الحياة والموت في غربة الوطن والمجتمع والاسرة وبعدا جعلها تبكي ذكرياتها في هذا الخضم الهائل من الأحاسيس المتباينة. فصاغت باناملها نصا نثريا عربيا لا يقل رومانسية عن النغمات العذبة لنازك الملائكة وجبرا ن وفدوى طوقان وغيرهم
لياتي نصها معبرا عما يختزل في رؤيتها الحالمة المتفائلة والعاشقة للصبر والمتمردة على غربة الحياة وغربة الموت والبعد متلبسة عباءة المحدثين مستعيرة لغتهم ومعجمهم، ومستحضرة مواقفهم وتجاربهم.فنجده ترسم لوحة شعرية وجدانية تعيد للذات اعتبارها،وتجعلها محورا ومدارا.تحضر صناعة ذات الشاعرة بمعاناتها وجراحاتها من أثر وطأة وجدانية يعاني من فراق الأحبة والخلان، ويستبد في عاطفتها الحب والشوق، ويؤلمها الشك والهجر والأرق،حتى صارت كعصفور مقصوص الجناح يكتوي بنار الهجر ولهيب النواح
ومن حيث البناء الفني للنص الشعرية
الفت عناية الجميع إلى جانب التنويع في الشكل الفني للنص الشعري اهتمت الشاعرة كثيرا بالتنويع في البناء الإيقاع وذلك في اعتمادها على النظم المتعارف عليه في الشعر العربي الحر
الجميل في النص قيام الشاعرة بانتقاء الأوزان التي تنسجم مع الوضعيات النفسية ومع طبيعة الموضوع،وتستجيب لمستوى الضغط الذي تمارسه الولادة الشعرية.كما تجلى عناية الشاعرة بالجانب الموسيقي في تنويعه للقوافي مابين المطلقة والمقيدة. فالأصوات النهائية للقوافي تخدم الدلالات،د وتجسد الانفعالات.وكذا تفعل التكرارات وأنواع التوازي وباقي العناصر الموسيقية التي استعانت بها الشاعرة
لقد أبدت الشاعرة احتراما كبيرا للتقاليد الشعرية وأظهرت وفاء للقصيدة العربية الكلاسيكية والرمزية ولم يمنعها احترامها ووفاؤها من ممارسة فعل التجريب في ساحة الحداثة
وفي كل ذلك حافظت الشاعرة على صنعتها الشعرية وعلى خصوصية تجربتها.ولهذا تنوعت البنية الهندسية لنصها وتنوعت بنيته تجسيدا لهذا الانفتاح وانسجاما مع ما تقتضيه الحالة الشعورية
بعد هذه القراءة الأفقية الاستقرائية لقصيدة الاديبة والشاعرة الدكتورة منة حسن 《 بين قربك وبعدك 》 تبدى لنا جميعا ذات شعرية حاضرة بقوة بين ثنايا الاتخاد الدولي للمثقفين العرب مخلدة في أعماقنا الصور وخلف ظلال الألفاظ والعبارات.ذات شعرية لها من الخصوصية والتميز ما جعلها بارزة تدل على أصالة المبدع وعلى صدق التجربة والشعور في شعرها،كما تدل على تمكنها من الأدوات الفنية التي تؤهله لممارسة فعل الإبداع الشعري بكفاءة عالية ومقدرة متميزة.
اخيرا اقول جمعتكم مع الرحمن أطيب والى لقاء جديد يجمعنا بنجم او نجمة من نجوم الاتحاد الدولي للمثقفين العرب والله الموفق
تعليقات
إرسال تعليق